الانحراف في حياة البشرية
خلق الله الخلق لعبادته.وهيأ لهم ما يعينهم عليها من رزقه قال الله تعالى: +وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" [الذاريات: 56-58.
والنفس بفطرتها اذا تركت كانت مقرة لله بالالهية محبة لله تعبده ولا تشرك به شيئا.ولكن يفسدها وينحرف بها عن ذلك ما يزين لها شياطين الانس والجن بما يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا.فالتوحيد مركوز في الفطر .والشرك طاريء ودخيل عليها قال الله تعالى( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)الروم 30)
وقال صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يوهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) فالاصل في بني آدم التوحيد
والدين الاسلام من عهد آدم عليه السلام ومن جاء من ذريته قرونا طويلة قال الله تعالى (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ)البقرة213
{ قوأول ما حدث الشرك والانحراف عن العقيدة في قوم نوح , فكان عليه السلام أول رسول قال الله تعالى إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ } (النساء : 163)
قال ابن عباس.كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم علا الاسلام-قال ابن القيم - هذا القول هوا الصواب قطعا فان أبي بن كعب يعني في آية البقرة
ويشهد القراءة قوله تعالى
يريد رحمه الله ان بعثة النبين سببها الاختلاف عما كانوا عليه من الدين الصحيح - كما كانت العرب بعد ذلك على دين ابراهيم عليه السلامحتى جاء عمرو بن الحي الخزاعي فغير دين ابراهيم وجلب الأصنام الى أرض العرب الى أرض الحجاز بصفة خاصة فعبدت من دون الله وانتشر الشرك في هذه البلاد المقدسة وما جاورها - الى ان بعث الله نبيه محمد خاتم النبين صلى الله عليه وسلم فدعا الناس الى التوحيد واتباع ملة ابراهيم وجاهد في الله حق جهاده حتى عادت عقيدة التوحيد وملة ابراهيم وكسر الأصنام وأكمل الله به الدين . واتم به النعمة علا العالمين . وسارت على نهجه القرونالمفضلة من صدور هذه الأمة . الى أن فشا الجهل في القرون المتأخرة ودخلها الدخيل من الدينات الأخرىفعاد الشرك الى كثير من هذه الأمة بسبب دعاة الضلال وبسبب البناء علا القبور متمثلا بتعظيم الأولياء والصالحين وادعاء المحبة لهم حتى بنيت الأضرحة علا قبورهم . واتخذت أوثانا تعبد من دون الله بأنواع القربات من دعاء واستغاثة وذبح ونذر لمقاماتهم . وسمو الشرك توسلا بالصالحين واضهارا لمحبتهم وليس عبادة لهم بزعمهم . ونسوا أن هذا هو قول المشركين الأولين حيث يقولون .